تساؤلات حول قدرة «بايدن» على التهدئة في غزة

كتبت/مرثا عزيز
مع التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة، والمتزامن مع تقارير عن احتمالية تنفيذ اجتياح بري للقطاع، رداً على عملية «طوفان الأقصى»، التي نفذتها كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، يدور سؤال في الأفق حول قدرة أميركا على كبح العدوان الإسرائيلي.
وبحسب «نيوزويك»، فقد اتبعت الولايات المتحدة سياسة الاستجابة السريعة تجاه الاشتباكات في الشرق الأوسط، وتعهدت الإدارات المتعاقبة، منذ ريتشارد نيكسون وحتى باراك أوباما، بدعم إسرائيل والدعوة إلى ضبط النفس، وإنهاء القتال في النهاية مع ارتفاع أعداد الضحايا.
ظرف غير مسبوق
لكن الرئيس جو بايدن يواجه ظروفا خاصة حاليا، والتي قد تقيد نهجه في الحرب بين جيش الاحتلال وفصائل المقاومة، في ظل الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة حماس، والتهديد بحرب إقليمية، وأزمة الرهائن التي تشمل مواطنين أميركيين، إلى جانب تصعيد من جانب الديمقراطيين التقدميين الذين أصبحوا صريحين بشكل متزايد في دعمهم للفلسطينيين في السنوات الأخيرة.
وبينما تستعد حكومة الطوارئ الإسرائيلية، التي تم تشكيلها، لاجتياح بري محتمل للقطاع، فمن غير الواضح متى قد يتدخل بايدن لمحاولة تهدئة الصراع، أو بشأن نفوذه الذي سيمتلكه لكبح جماح إسرائيلوبحسب مجلة نيوزويك، قال جون ماكلولين، الذي شغل منصب القائم بأعمال مدير وكالة المخابرات المركزية في عهد جورج بوش الابن، إن «بايدن يواجه تحديًا أكبر مما واجهه رؤساء الولايات المتحدة منذ سنوات في احتواء حرب في الشرق الأوسط تنطوي على خروج إسرائيل عن نطاق السيطرة».
وقال ماكلولين لـ«نيوزويك»: «المهمة الأميركية في هذه المرحلة هي منعها (إسرائيل) من تجاوز ما هي عليه الآن، وبمجرد تجاوز هذه المرحلة، يمكنك البدء في التفكير في وقف التصعيد».
و في تصريحاته الأكثر شمولاً حتى الآن حول الأزمة، قال بايدن إن أميركا ستقف إلى جانب إسرائيل، وأدان حماس، ولكن بدا أن الرئيس الأميركي يحث إسرائيل على ممارسة بعض ضبط النفس، قائلاً إن الديمقراطيات مثل إسرائيل والولايات المتحدة تختلف عن الجماعات الإرهابية لأنها «تلتزم بقواعد الحرب».
إلا أن رسالة بايدن تم تفسيرها على نطاق أكبر بأنها تمنح إسرائيل مساحة واسعة، في الوقت الحالي، للرد بقوة على هجوم «طوفان الأقصى».اختلاف عن الجولات السابقة
وقال الخبير في السياسي الإسلامي وسياسات الشرق الأوسط في كلية الدراسات العليا البحرية، محمد حافظ، لمجلة نيوزويك: «في الجولات السابقة للصراع كان هناك نوع من الإيقاع… هجوم من حماس وإسرائيل ترد، ثم استنكار دولي وضغوط أميركية وإقليمية على إسرائيل للتهدئة ما يؤدي إلى العودة إلى الوضع الراهن».
وأضاف « لكن هذه المرة لن يحدث ذلك.. لقد أوضحت إسرائيل أنها تريد القضاء على حماس».
وأمر وزير جيش الاحتلال، الثلاثاء، بفرض حصار كامل على قطاع غزة في خطوة لمنع وصول المياه والوقود والغذاء والكهرباء إلى القطاع قبل الهجوم على حماس. ومع توقع اشتداد القتال، تعمل إدارة بايدن مع مصر وإسرائيل لإنشاء ممر آمن لفرار المدنيين، وفقًا لمسؤولين كبار في البيت الأبيض.
خلال حوالي أسبوعين من القتال في غزة عام 2021، اتبعت إدارة بايدن قواعد اللعبة المعتادة.
ومع ذلك، حتى لو حاول بايدن التدخل بقوة أكبر في الأسابيع المقبلة، فمن غير المرجح أن تستجيب إسرائيل لتحذيره، كما قال العديد من الخبراء، خاصة مع حجم الخسائر التي منيت بها إسرائيل.أزمة الرهائن الأميركيين
وقال الأستاذ في كلية الخدمة الخارجية بجامعة جورج تاون، دانييل بايمان، إنه سيكون من الصعب للغاية على أي رئيس أميركي ممارسة الضغط على القادة الإسرائيليين في الوقت الحالي، بالنظر إلى المشاعر المتوترة في إسرائيل في الأيام الأولى للحرب، موضحا «إن دفع إسرائيل في اتجاه أو آخر سيكون أمراً صعباً للغاية».
وأشار بايمان إلى أن أزمة الرهائن ستحد أيضًا من نفوذ بايدن، لأن الولايات المتحدة ستحتاج إلى العمل بشكل وثيق مع إسرائيل لضمان إطلاق سراح الرهائن الأميركيين المحتجزين لدى حماس.
وأضاف بايمان: «وهذا أمر من شأنه أن يزيد المخاطر بالنسبة لإدارة بايدن».
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، للصحفيين يوم الثلاثاء، في إن 17 مواطنًا أميركيًا ما زالوا في عداد المفقودين منذ أن شنت حماس هجومها. وأضاف أنه من غير الواضح كم منهم قد يكونون محتجزين كرهائن لدى حماس. موضحا: «علينا جميعا أن نقوي أنفسنا لمواجهة الاحتمال الواضح للغاية بأن هذه الأعداد قد تزيد».
ومع استمرار الحرب، سيكون لدى إدارة بايدن الدافع لحل أزمة الرهائن في أسرع وقت ممكن وتقليل عدد القتلى المدنيين على الجانبين، كما قال خبراء في الشرق الأوسط.
الانتخابات الأميركية.. وتأييد فلسطين
وإذا نجح بايدن في الحد من نطاق الحرب، فإن هذا سيعزز موقفه وموقف الديمقراطيين الذين يسعون لإعادة انتخابه في عام 2024، والرد على ادعاءات الرئيس السابق، دونالد ترمب، وغيره من الجمهوريين الذين انتقدوا سياسته في الشرق الأوسط.
وقد بدأ بالفعل بعض الديمقراطيين في الكونغرس والمدافعين عن حقوق الفلسطينيين في التحذير من أزمة إنسانية وشيكة في غزة، مما يزيد من احتمال أن تصبح الحرب الطويلة مشكلة سياسية للرئيس بايدن.
ونظم النشطاء مسيرات في أنحاء الولايات المتحدة وفي أنحاء العالم في الأيام الأخيرة لمعارضة حرب جديدة في الشرق الأوسط