المسيرة و«البصلة» على مسار المنافسة.. وأردوغان على بعد خطوة من قصر الرئاسة

متابعه/مرثا عزيز
ارتفعت درجة حرارة الشارع السياسي في تركيا، قبيل جولة الإعادة الحاسمة بين الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان ومنافسه كمال كليجدار أوغلو، خصوصًا مع التقارب الشديد بين المرشحين خلال الجولة الأولى من السباق الانتخابي.
وستكون هذه أول مرة في تاريخ تركيا، تُجرى فيها جولة إعادة للانتخابات الرئاسية. بينما يرى المراقبون والمحللون في أنقرة، أن الرئيس أردوغان على بعد خطوة من العودة إلى قصر الرئاسة في منطقة بشتبيه في العاصمة أنقرة.
وتتفق الآراء داخل مراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية، في العاصمة التركية أنقرة، على أن «خيار الضرورة.. لا القناعة»، يصوت لصالح الرئيس أردوغان، باعتباره «رئيس الضرورة» في هذه المرحلة من تاريخ تركيا، حيث يواجه العالم مؤشرات متغيرات كبرى في موازين العلاقات الدولية، وتشكيل نظام عالمي جديد. وهنا فإن الضرورة وليس «القناعة» بشخصية أردوغان، ستدفع به مرة أخرى إلى كرسي القيادة لدولة كبرى في الشرق الأوسط.
والرؤية الثانية داخل الشارع التركي، هي التصويت لصالح كمال كليجدار أوغلو، على حساب أردوغان، ليس اقتناعًا بخيارات هذا المرشح، بل رفضًا لبقاء الرئيس الحالي، وممارسات حكمه المرفوضة، وهو تصويت يحمل رسالة «حان وقت التغيير».
ويرى الباحث والخبير السياسي التركي غالب دالاي، الزميل المشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمعهد تشاتام هاوس البريطاني (المعروف رسمياً باسم المعهد الملكي للشؤون الدولية)، في تقرير نشره المعهد، «أنه رغم تنبؤات الكثير من مراكز الاستطلاع، استعاد تحالف رجب طيب أردوغان الحاكم أغلبية في البرلمان التركي، ويبدو أن الرئيس الحالي سيفوز في جولة الإعادة، وإذا كان الأمر كذلك، فمن المحتمل أن يكون أردوغان «مستريحًا سياسيًا» وهو يدخل عقدًا ثالثًا على رأس السياسة التركية، وسيواجه تحديًا ضئيلًا فى نطاق الطيف السياسي المحافظ الأوسع نطاقًا.البصلة» و«المسيّرة»
في وقت تتصاعد فيه النبرة القومية قبيل جولة الإعادة في الانتخابات التركية، ارتفعت حدة المنافسة الساخنة بين الرئيس أردوغان، وزعيم المعارضة أوغلو. ويستهدف أردوغان بصورة مباشرة، مشاعر وغرور دولة ومجتمع ما بعد الامبراطورية، ويؤكد على فكرة عظمة تركيا في الشؤون الدولية، والوقوف في وجه القوى العالمية -ما يعني الدول الغربية إلى حد كبير- والتمتع بالاستقلالية فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والأمنية.
ويستعرض أردوغان في حملاته الانتخابية، الصناعة العسكرية المتوسعة بسرعة في تركيا، والتي تجذب الكثير من الاهتمام الدولي، كدليل واضح على هذه العظمة والاستقلالية. ويستعرض أيضا قوة تركيا، خصوصًا في مجال تكنولوجيا الطائرات المسيرة الحديثة، والتي سجلت موقعًا متقدمًا في أوساط الصناعات العسكرية.
وفي مواجهة استعراض الرئيس أردوغان، ملامح عظمة تركيا، مشيرًا إلى الطائرة التركية المسيّرة، ركزت حملات المعارضة على إنهاء الاضطراب الاقتصادي الشديد وحكم الرجل الواحد في البلاد. وأثناء الحملة، كان زعيم المعارضة، كمال كليجدار أوغلو، منافس أردوغان، ممسكا في يده بـ«بصلة»، مشيرا إلى معاناة المواطنين من الغلاء والتضخم المفرط وتدني قيمة الليرة التركية.. وركّز في مقاطع فيديو على التحديات التي تواجه البلاد ورؤيته لمواجهتها.
وفي أحد هذه المقاطع، استخدم «بصلة» لتأكيد التضخم السائد في البلاد والصعوبات التي تواجهها الأسر في الحصول على السلع الأساسية. وأصبحت هذه البصلة تمثل التراجع الاقتصادي لتركيا والتضخم الجامح بها.انتصار المسيّرة على البصلة
يشير الباحث والخبير السياسي التركي غالب دالاي إلى أن المُسيّرة والبصلة، أصبحا رمزين، يتناغمان أيضا مع صور المرشحين في السياسة العامة، حيث يمثل أردوغان القيادة الكاريزمية، ويجسد كليجدار الحياة العادية، وتحدث أردوغان عن أفكار كبيرة، فيما تكلم كليجدار عن أفكار عادية.
وتوضح نتائج الجولة الأولى للانتخابات، انتصار الأفكار الكبيرة على العادية بدرجة كبيرة، أي انتصار المسيّرة على البصلة.
تفوق أردوغان برفع «النزعة القومية»
ويرى خبراء ومحللون، أن ارتفاع أسهم أردوغان، وتمتعه بحظ أوفر للفوز في الانتخابات الرئاسية، يرجع إلى تفوقه على المعارضة في النزعة القومية، التي نجح في دمجها مع الأيديولوجية الإسلامية المعتدلة لحزبه، بحسب تحليل الاقتصادي الأميركي دارون أجيم أوغلو، وهو تركي أرمني المولد.
ويربط «أجيم أوغلو»، نمو المشاعر القومية في المجتمع التركي بتداعيات الصراع طويل الأمد مع الانفصاليين الأكراد، وتدفق اللاجئين من الشرق الأوسط، الذين يقدر عددهم في البلاد بالملايين. إضافة إلى ذلك، لعبت دورًا غير قليل الأهمية «عشرات السنين من الدعاية التي نفذتها وسائل الإعلام الرئيسية، وحزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان».استغلال الأجندة القومية
وقد حققت الأحزاب ذات التوجه القومي نجاحًا في الانتخابات البرلمانية، التي جرت بالتزامن مع الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية. فمن حيث الجوهر، استغلت جميع القوى السياسية الرائدة في البلاد، بدرجة أو بأخرى، الأجندة القومية. واستغل ذلك أردوغان وكلجيدار أوغلو، الذي تضم كتلته الحزب الراديكالي الصالح.
لكن الرئيس أردوغان فعل ذلك بشكل أفضل. لقد نجح في تخليص نفسه من الاتهامات بمحاولة إعادة النظر في الطبيعة العلمانية للدولة، والتي طالما طرحها خصومه، بحسب تعبير «أجيم أوغلو».
فيما يخشى الأكراد المعارضون للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، من تعزيز فوزه في الانتخابات الرئاسية، لحملة القمع التي تشنها الدولة ضدهم منذ سنوات، مع تصاعد النبرة القومية قبل الجولة الثانية للانتخابات، غدا الأحد.