بيضة القيان » للانتخابات التركية.. رهان أردوغان على «أصوات الخارج»

متابعه/مرثا عزيز
تؤكد الدوائر السياسية في أنقرة، أن استعادة تحالف الرئيس التركي المنتهية ولايته، رجب طيب أردوغان أغلبية البرلمان التركي، يشير إلى فشل تنبؤات الكثير من مراكز الاستطلاع.. ويرى الباحث والخبير السياسي التركي غالب دالاي ـ الزميل المشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمعهد تشاتام هاوس البريطاني (المعروف رسميًا باسم المعهد الملكي للشؤون الدولية)، في تقرير نشره المعهد، أن «أردوغان» سيفوز في جولة الإعادة، ومن المحتمل أن يكون أردوغان «مستريحًا» سياسيا وهو يدخل عقدا ثالثا على رأس السياسة التركية.
التوقعات القائمة بفوز «أردوغان»، في الجولة الثانية لانتخاب رئيس الجمهورية التركية، ترجع إلى ثقل أصوات الجاليات التركية في الخارج، حيث بدأ الناخبون الأتراك المغتربون السبت الماضي، التصويت في جولة الإعادة، وستتواصل عمليات الاقتراع من 20 ولغاية 24 مايو الجاري.. و«أصوات الناخبين الأتراك في الخارج»، تطلق عليها الدوائر الحزبية في تركيا «بيضة القبان»، بمعنى أنها تُرجح الكَفة في الميزان.
ويبلغ تعداد حاملي الجنسية التركية من المقيمين في دول الاتحاد الدولي والحاصلين على جنسياتها أكثر من 6 ملايين. وقد تضاعفت نسبة المهاجرين الأتراك بصورة ملفتة خلال آخر 5 سنوات، بحسب هيئة الإحصاء التركية التي كشفت في وقتٍ سابق هذا العام أن زيادة معدّلات الهجرة ارتفعت بمعدل 20% منذ العام 2018.
ومخاطبة «أردوغان» لأتراك الخارج وحثهم على المشاركة الكثيفة، عشية بدئهم التصويت في جولة الإعادة، هو علامة على أنه وكذلك منافسه مرشح المعارضة، يعولان كثيرًا عليها في إحداث الفرق وتغليب حظوظ كل منهما.ويراهن الرئيس التركي المنتهية ولايته «أردوغان»، على أصوات الحاليات التركية في الخارج.. ويستند في رهانه على:
أولًا: عدد الأتراك في الخارج يبلغ أكثر من 6.5 مليون شخص، معظمهم يقيمون في بلدان الاتحاد الأووبي، ويحق لأكثر من 3.4 مليون منهم الإدلاء بأصواتهم في الجولة الثانية من التصويت.
ثانيًا: الانتخابات الأكبر في الخارج تتم في ألمانيا التي تضم أكبر تجمع للجالية التركية في الخارج، والذي يزيد على 3 ملايين شخص، يحق لقرابة 1.5 مليون منهم التصويت في الانتخابات التركية.
يُذكر أنه في الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة، صوت أكثر من 50 في المئة ممن يملكون حق التصويت من أتراك الخارج، وحسب اللجنة العليا للانتخابات في تركيا، أدلى مليون و642 ألفًا و721 ناخبًا بأصواتهم في مراكز اقتراع أقامتها الممثليات التركية خارج البلاد.
ثالثًا: وفق معطيات الجولة الأولى والانتخابات الرئاسية السابقة، كانت حظوظ «أردوغان» مرشح حزب العدالة والتنمية، أقوى للتقدم على صعيد الصوت التركي الخارجي، على منافسه مرشح حزب الشعب الجمهوري وتحالف الأمة كمال كليجدار أوغلو.
رابعًا: تأثير المراكز الإسلامية والمساجد التي أنشاتها تركيا في دول الاتحاد الأوروبي، خاصة في العقود الثلاث الأخيرة، وغالبًا من يرتاد المساجد هم من يتمسكون بقيم متوارثة، خاصة أن الأتراك الأوائل الذين هاجروا إلى ألمانيا جاؤوا في المقام الأول من منطقة الأناضول الريفية، وهي منطقة محافظة تمامًا، وعندما يهاجر الناس، تستمر القيم التي يجلبونها معهم في التطور. ويحتفظون بآرائهم الدينية المحافظة في الشتات، وهو توجه يميل باتجاه حزب أردوغان «العدالة والتنمية»خامسا: حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، والذي يقوده أردوغان، ينظر إلى الجاليات التركية في البلدان الأوروبية، وإلى الأقليات التركية في دولٍ أخرى، كأحد أدوات السياسة الخارجية التي يوظفها هذا الحزب في خدمة مشروعه «العثماني»، ولذلك قام قبل أكثر من عقدٍ من الآن باستحداث مكتبٍ خاص لدى وزارة الخارجية التركية وأطلق عليه مكتب شؤون العالم التركي، بالإضافة لتأسيس رابطة العالم التركي، ومراكز للأبحاث، وتأسيس ما يُعرف باتحاد الديمقراطيين والدوليين.
ويعد «تحاد الديمقراطيين الدوليين»، الأكثر تأثيرًا على الجاليات التركية في دول الاتحاد الأوروبي، إلى جانب مؤسسات أخرى تنفذ سياسات أنقرة على الأراضي الأوروبية. كما أن لهذا الاتحاد تأثيره على الجاليات المسلمة التي تنحدر من دول الشرق الأوسط. ويتخذ من مدينة كولونيا الألمانية مقرًّا له، وهو يحظى بدعمٍ مالي وسياسي وديبلوماسي من أنقرة، وتحديدًا من حزب «العدالة والتنمية» رغم أن هذا الاتحاد في الأساس هو تحالف عددٍ من منظمات المجتمع المدني الأوروبية.
ويرى خبراء في الشؤون التركية، أنه رغم أن أصوات الناخبين الأتراك في الخارج، تمثل نسبة قليلة من مجموع الأصوات، لكن انتخابات أتراك الخارج في هذه الجولة الثانية مهمة للغاية، حيث تجري منافسة شرسة لدرجة أنه لأول مرة في تاريخ الجمهورية التركية لم تحسم الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى، وهو ما يعكس ضراوة السباق نحو القصر الجمهوري.