فادي السمردلي يكتب: سمو الأمير محمد بن سلمان في العيد. لا ننسى فلسطين*

*بقلم فادي زواد السمردلي*
في الوقت الذي تحتفل فيه الأمة العريبة والإسلامية بعيد الأضحى المبارك، حيث تجتمع الأسر وتتبادل التهاني وتُحيي شعائر التضحية والتكافل، تتعالى من أرض فلسطين أنات الجرحى وصرخات الأمهات، وتغيب بهجة العيد عن أطفال حُرموا من أبسط حقوقهم في الحياة الكريمة وفي خضم هذا التناقض الصارخ بين أجواء العيد ومآسي الواقع، يأتي صوت سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ليحمل بين كلماته صدق الشعور ووضوح الموقف، وليضع القضية الفلسطينية في صدارة الوجدان العربي والإسلامي.
قالها سموه بوضوح: "يأتي عيد الأضحى هذا العام ومعاناة إخوتنا في فلسطين مستمرة نتيجة العدوان الإسرائيلي". لم تكن هذه الجملة عابرة، بل كانت بمثابة لفتة إنسانية وسياسية عميقة تُجسد ارتباط المملكة العربية السعودية، قيادةً وشعبًا، بالقضية الفلسطينية، لا كمجرد شأن سياسي، بل كقضية عدالة إنسانية وواجب ديني وأخلاقي لا يسقط بالتقادم، ولا تُسقطه المتغيرات.
ومع هذا التوصيف الدقيق للواقع، شدّد سمو ولي العهد على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته، مطالبًا بتحرك جاد لإنهاء الكارثة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون تحت وطأة الاحتلال والقصف والتجويع فالمأساة لم تعد شأنًا محليًا أو إقليميًا، بل اختبارًا حقيقيًا لمدى التزام العالم بالقيم التي يتغنى بها حقوق الإنسان، القانون الدولي، حماية المدنيين، والكرامة الإنسانية.
لم تقتصر دعوة الأمير محمد بن سلمان على مجرد إنهاء العدوان القائم، بل تجاوزت ذلك إلى الدعوة لصياغة واقع جديد في فلسطين، واقع يسوده السلام العادل، ويقوم على قرارات الشرعية الدولية. هذه الرؤية لا تستند فقط إلى الاعتبارات السياسية، بل تعبّر عن إيمان راسخ بأن السلام الحقيقي لا يُمكن أن يتحقق دون عدالة، ولا عدالة دون الاعتراف الكامل بحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وتأتي هذه الرسالة في لحظة حرجة من تاريخ المنطقة، حيث تشتد الهجمة على فلسطين أرضًا وشعبًا، ويُحاول البعض تطبيع النسيان وتحييد القضية عن الوعي العربي. لكن كلمات الأمير محمد بن سلمان تؤكد أن المملكة لا تُفرّط بثوابتها، وأنها رغم انشغالها بمشاريع التنمية والتحول الوطني، فإن البوصلة لا تنحرف، والقدس تظل حاضرة في الضمير السياسي السعودي.
وفي جوهر هذا الخطاب، نقرأ موقفًا قياديًا مسؤولًا، يتحدث بلغة القوة الناعمة، ويجمع بين الحزم السياسي والبُعد الإنساني، بين الرؤية الواقعية والأمل بالمستقبل فليس هناك سلام يُبنى على أنقاض المآسي، ولا عيد يُكتمل في ظل ظلم واقع على إخوتنا في الدين والعروبة.
في كلمات سمو ولي العهد محمد بن سلمان، لم تكن فلسطين غائبة، بل كانت في القلب. وفي زمن تتبدل فيه الأولويات، وتُشترى فيه المواقف وتُباع، يظل هذا الموقف ثابتًا كالجبل، شاهدًا على عمق الالتزام السعودي، قيادة وشعبًا، بقضية لم ولن تغيب عن الضمير الحي.