البابا_فرنسيس سيتم دفنه في بازيليك سانتا ماريا ماجوري (كاتدرائية مريم الكبرى "كاتدرائية بابوية")

كتبت/مرثا عزيز
وهذا ما جاء في وصيّتِه:
الوثيقة التي دوّنها خورخي ماريو برجوليو، البابا فرنسيس، في بيت القديسة مرتا ، وقد نُشرت رسميًّا:
«أطلب أن يُهيّأ قبري في الجناح الجانبيّ، بين كنيسة بولينا (كنيسة خلاص شعب روما) وكنيسة سفورزا في البازيليك الكبرى للقديسة مريم. ويجب أن يكون القبر في التراب، بسيطًا، من دون أيّ زينة خاصّة، ولا يُكتب عليه سوى: فرنسيس.»
نصّ الوصية
شعورًا منّي بأنّ غروب حياتي الأرضيّة قد اقترب، ورجاءً حيًّا بالحياة الأبديّة، أرغب في أن أعبّر عن إرادتي الوصيّة، وذلك فقط في ما يتعلّق بمكان دفني.
لقد عهدتُ حياتي وكلّ خدمتي الكهنوتيّة والأسقفيّة دائمًا إلى والدة السيّد، مريم الكلّية القداسة. لذلك، أطلب أن ترقد رفاتي في انتظار يوم القيامة في البازيليك البابوية المكرّسة للقديسة "مريم الكبرى".
وأرغب في أن تنتهي رحلتي الأرضيّة الأخيرة في هذا المزار المريميّ العتيق، حيث كنت أتوجّه للصلاة في مطلع كلّ زيارة رسوليّة وختامها، لأوكِل بنيّة واثقة مقاصدي إلى الأمّ الطاهرة، وأشكرها على رعايتها الأموميّة المطيعة.
أطلب أن يُهيّأ قبري في الجناح الجانبيّ، بين كابيلا بولينا (كابيلا خلاص شعب روما) وكابيلا سفورزا في البازيليك البابوية المذكورة، كما هو موضّح في الملحق المرفق.
ويجب أن يكون القبر في التراب، بسيطًا، من دون أيّ زينة خاصّة، ولا يُكتب عليه سوى: "فرنسيس".
ستُغطّى نفقات إعداد قبري من المبلغ الذي خصّصه أحد المحسنين، والذي أوصيتُ بتحويله إلى البازيليك البابويّة "ماريا ماجوري"، وقد أوكلتُ التعليمات المناسبة إلى سيادة المونسنيور رولانداس ماكريكاس.
ليُجزِ الله الذين أحبّوني، والذين سيواصلون الصلاة من أجلي، بالثواب الذي يستحقّونه. أمّا الألم الذي رافق المراحل الأخيرة من حياتي، فقد البابا فرنسيس.. الإصلاحي الذي أنصت إلى المهمّشين
قاد البابا فرنسيس الكنيسة بإصلاحات جريئة لصالح المهمّشين، رغم معارضة داخلية شديدة، وظلّ مدافعًا عن الفقراء وضحايا الحروب حتى وفاته.
` كاردينال: البابا فرنسيس قلق بشأن منطقة الأمازون والسكان الأصليين
وضع البابا فرنسيس، الذي توفي يوم الإثنين عن عمر ناهز 88 عامًا، قضية إعادة الكرامة الإنسانية للمستبعدين في قلب رسالته، فحظي بشعبية واسعة بين المؤمنين، رغم معارضته الشديدة داخل المؤسسة الكنسية بسبب إصلاحاته ومواقفه الجريئة.
تميّز هذا اليسوعي الأرجنتيني، المحب لكرة القدم ورقص التانغو، بالعفوية والحيوية، لكنه عُرف أيضًا بإدارة اعتُبرت أحيانًا شديدة الشخصية، ما عرّضه لانتقادات متكررة.
وقد أقر بنفسه في كتاب حوارات نُشر عام 2022، جمع شهادات من أشخاص مستضعفين من مختلف أنحاء العالم، قائلاً: «أنا عصبي، غير صبور (...) أحيانًا أتخذ قرارات على عجل».
سعى هذا «الحالم»، الذي اعترف بأنه «يغفو أحيانًا أثناء الصلاة»، بلا كلل إلى تحقيق هدفه الرئيسي: إصلاح الكنيسة الكاثوليكية لتصبح أكثر قربًا من الفقراء والمهمّشين.
وقال عند انتخابه عام 2013، موضحًا اختياره لاسمه الكهنوتي تيمنًا بالقديس فرنسيس الأسيزي، «كم أرغب في كنيسة فقيرة، للفقراء».
وكان فرنسيس، أول بابا يتحدر من أمريكا اللاتينية، من أشد منتقدي الليبرالية الجديدة، وركّز رسالته على العدالة الاجتماعية، والدفاع عن البيئة والمهاجرين الهاربين من الحروب والفقر.
وقال روبرتو ريغولي، أستاذ في الجامعة الغريغورية البابوية في روما، إن «البابا أشرك الكنيسة في قضايا كانت في صميم الديمقراطيات الغربية، مثل البيئة والتعليم والقانون».
أسلوب غير تقليدي
في روما، نظر البعض إلى أسلوب فرنسيس غير المألوف، لا سيما اختياره الإقامة في شقة صغيرة بدار الضيافة في الفاتيكان بدلًا من القصر الرسولي، واستضافته المنتظمة للمشرّدين والسجناء على مائدة طعامه، على أنه «ثورة» أو «تمرد»، معتبرين أنه أضفى طابعًا أقل رسمية على موقع البابا.
وكان البابا فرنسيس يعبّر عن مشاعره تجاه من يلتقيهم، ولم يتردد في المصافحة حتى أثناء جائحة كوفيد أو في تنقلاته على كرسيه المتحرك.
وكانت تمنياته السنوية للكرادلة الرئيسيين في مجمع الكرادلة تثير أثرًا كبيرًا؛ ففي عام 2014، عدّد فرنسيس 15 «مرضًا» تصيب الأساقفة، من بينها «ألزهايمر الروحي» و«التحجّر العقلي».واتهمه معارضوه المحافظون بـ«الهرطقة» بسبب انفتاحه على الأشخاص الذين تزوجوا مجددًا بعد الطلاق، وسماحه لهم بتناول القربان المقدس.
كما واجه انتقادات لاذعة بسبب مواقفه التي وُصفت أحيانًا بأنها متساهلة جدًا تجاه المثليين، كما حدث عند إتاحته تبريك الأزواج المثليين نهاية عام 2023.
ورغم أنه عُدّ تقدميًا في القضايا الاجتماعية، إلا أن فرنسيس لم يخرج بشكل جذري عن العقيدة التقليدية، إذ وافق على مذكرة تعتبر المثلية «خطيئة»، وأثار جدلًا عام 2024 باستخدامه تعبيرًا إيطاليًا مبتذلًا تجاه المثليين، ناصحًا الراغبين منهم في الكهنوت بمراجعة «طبيب نفساني».
كما عبّر بانتظام عن رفضه للإجهاض، واصفًا إياه بـ«القتل المتعمّد»، ومؤكدًا أن الأسرة تتكون من أب وأم فقط.
وفي فبراير/شباط 2020، أغلق البابا الباب أمام رسامة كهنة متزوجين ونساء شمامسة في منطقة الأمازون، مما أرضى المحافظين لكنه خيّب آمال التقدميين.
صوت في وجه الحروب
على الساحة الدولية، عبّر فرنسيس عن رفضه لتجار السلاح والحروب، لكن دعواته للسلام لم تلقَ صدىً واسعًا. فقد ذرف الدموع علنًا في ديسمبر/كانون الأول 2022 بعد فشل نداءاته المتكررة لوقف الحرب في أوكرانيا.
دعا إلى وقف الحرب في قطاع غزة، وأبدى تعاطفًا واضحًا مع المدنيين. وفي ظهوره الأخير بعيد الفصح، ندد – عبر كلمة قرأها مساعده – بـ«الوضع المأساوي المخجل» في غزة، محذرًا من تصاعد «جو معادٍ للسامية» حول العالم.
وقال: «أدعو الأطراف المتحاربة إلى وقف إطلاق النار، إطلاق سراح الرهائن، وتقديم المساعدات لشعب يتضور جوعًا ويتطلع إلى سلام».
في الشرق الأوسط، برز فرنسيس كرجل حوار بين الأديان، خصوصًا بعد توقيعه «وثيقة الأخوّة الإنسانية» مع شيخ الأزهر في أبوظبي عام 2019.
سيرة حياة متواضعة
وُلد خورخي ماريو برغوليو في 17 ديسمبر/كانون الأول 1936 في حي شعبي ببوينس آيرس، وهو الابن الأكبر بين خمسة أبناء لعائلة من أصول إيطالية مهاجرة.
حصل على شهادة في الكيمياء، وقال إنه شعر بدعوة الكهنوت في سن السابعة عشرة أثناء الاعتراف. في سن الحادية والعشرين، خضع لعملية استئصال جزئي لرئته اليمنى بسبب التهاب حاد، ما حرمه من حلم التبشير في اليابان.انضم إلى الرهبنة اليسوعية في سن الثانية والعشرين، وسيم كاهنًا في 13 ديسمبر/كانون الأول 1969. وبعد أقل من أربعة أعوام، انتُخب مسؤولًا وطنيًا لليسوعيين في الأرجنتين.
خلال الديكتاتورية العسكرية (1976–1983)، سعى برغوليو للحفاظ على وحدة الرهبنة اليسوعية، وتوجّه لاحقًا إلى ألمانيا لنيل الدكتوراه من فرايبورغ.
عند عودته، عمل ككاهن بسيط في كوردوبا، قبل أن يُعيّن عام 1992 أسقفًا على أوكا ومساعدًا لأسقف بوينس آيرس، ثم أسقفًا رئيسيًا للمدينة.
رفعه البابا يوحنا بولس الثاني إلى مرتبة كاردينال في 21 فبراير/شباط 2001. وبعد استقالة البابا بنديكتوس السادس عشر، انتُخب بابا للكنيسة الكاثوليكية في مارس/آذار 2013، ليصبح أول بابا من نصف الكرة الجنوبي.قدّمتُه للربّ من أجل السلام في العالم والأخوّة بين الشعوب.