هاريس في عيون إسرائيل.. أكثر دعماً للفلسطينيين وتطالب بوقف الحرب

كتبت/مرثا عزيز
في الوقت الذي تسلط فيه وسائل الإعلام الضوء على تنحي الرئيس الأميركي جو بايدن عن خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة أمام منافسه الجمهوري دونالد ترمب، ودعمه لترشح نائبته كامالا هاريس، يبدو أن هناك أمراً آخر كان محط اهتمام الإعلام الإسرائيلي.
عادت مواقف هاريس بشأن العدوان على قطاع غزة إلى الاهتمام في إسرائيل، خاصة أنها ضغطت لوقف الحرب على القطاع.
ومنذ الإعلان عن اعتزال بايدن، الذي قرر عدم الترشح لولاية أخرى كرئيس للولايات المتحدة، يحاول السياسيون والمعلقون حول العالم تسليط الضوء على الخلافات بين الرئيس ونائبته، التي يُتوقع أن تكون المرشحة الديمقراطية في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني.
قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية إن السياسة الخارجية للرئيس الديمقراطي المخضرم تختلف جذرياً عن سياسة منافسه الجمهوري ترمب، ويحاول العالم فهم توجهات هاريس.
قضت هاريس، أول نائبة رئيس في تاريخ الولايات المتحدة، فترة مثيرة للجدل في البيت الأبيض، واجهت خلالها صعوبة في ترك بصمة حقيقية، ونُشرت تقارير حول أجواء إشكالية في مكتبها، وشعرت بخيبة أمل لأن بايدن لم يعهد إليها بصلاحيات حقيقية.
ومع ذلك، قبل إعلان تقاعد بايدن، اعتقد المسؤولون الديمقراطيون أن فرص هاريس في التغلب على ترمب أعلى من الرئيس.
وفي النصف الأول من ولاية بايدن، لم تتمكن هاريس من تصوير نفسها كسياسية مؤثرة على الساحة الدولية، كشخص قد يقود الحزب الديمقراطي في المستقبل.
وفي العامين الماضيين، بذلت جهوداً أكبر للتأثير على السياسة الأميركية، وتحدثت علنًا عن قضايا السياسة الخارجية، من غزة إلى روسيا والصين، وتعتبر الآن سياسية يحظى رأيها بتقدير العديد من زعماء العالم.امتداد لسياسات بايدن
يقدر متابعون أنه فيما يتعلق بالقضايا المطروحة على جدول أعمال السياسة الخارجية، فإن ولاية هاريس ستكون في الواقع استمراراً لسياسات بايدن. حيث قال آرون ديفيد ميلر، الذي توسط في الاتصالات بين الإدارات الأميركية والمسؤولين في الشرق الأوسط، عن هاريس: «قد تكون أكثر نشاطاً، لكن لا تتوقع تغييرات كبيرة وفورية مقارنة بسياسة بايدن الخارجية».
أشارت هاريس، على سبيل المثال، إلى أنها لن تحيد عن دعم بايدن الثابت لحلف شمال الأطلسي (الناتو) وستواصل دعم حرب أوكرانيا ضد روسيا، وسط تناقض كبير عن موقف الرئيس السابق ترمب الذي هدد الناتو خلال الحملة الانتخابية وأثار قلق أوكرانيا من انخفاض المساعدات العسكرية التي ستنقلها واشنطن.
وفي مؤتمر ميونيخ الأمني هذا العام، ألقت هاريس خطاباً قاسياً هاجمت فيه روسيا بسبب حربها في أوكرانيا، وأكدت لحلفاء الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي أن واشنطن ستحترم المادة الخامسة من معاهدة الناتو، التي تلزم جميع أعضاء الحلف العسكري بالدفاع عن مجتمع يتعرض للهجوم.
وفيما يتعلق بملف الصين، ترى هاريس، مثل معظم النظام السياسي الأميركي، أن نفوذ الصين في جميع أنحاء العالم – وخاصة في آسيا – يجب محاربته، وفي حالة فوزها، فمن المتوقع أن تستمر هاريس في طريق الرئيس بايدن.القضية الفلسطينية
إذا هزمت هاريس ترمب، فمن المتوقع أن تحتل القضية الفلسطينية مكانة مركزية في سياستها الخارجية – خاصة إذا استمرت الحرب في غزة، بحسب «يديعوت». وعلى الرغم من أن هاريس كانت شريكة في دعم بايدن القوي لإسرائيل بعد هجوم طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفي تأكيدها على أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، إلا أنها أعربت في عدة حالات عن انتقادات أشد من انتقادات بايدن بشأن إدارة الحرب وتصرفات جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وفي مارس/آذار، هاجمت هاريس إسرائيل قائلةً إنها لا تفعل ما يكفي للتخفيف من «الكارثة الإنسانية» التي تطورت خلال العملية البرية في غزة. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، ألمحت إلى أن إسرائيل «ستتحمل العواقب» إذا شنت عملية برية في رفح – بينما توجد في منطقة المدينة الواقعة جنوب قطاع غزة أعداد كبيرة من النازحين الذين فروا إليها من مختلف المناطق بالقطاع.
وقالت «يديعوت» إنه في الوقت الذي يُعرّف الرئيس بايدن نفسه بأنه «صهيوني» والتقى خلال مسيرته السياسية الطويلة بالعديد من القادة الإسرائيليين، فإن هاريس، المتزوجة من يهودي، على عكس بايدن، ليس لديها ارتباط خاص بإسرائيل.
وتابعت أن هاريس تتمتع بعلاقات أفضل من بايدن مع الفصيل التقدمي في الحزب الديمقراطي، والذي أصبح في السنوات الأخيرة مؤيداً للفلسطينيين ومعادياً لإسرائيل بشكل متزايد (بحسب الصحيفة). وقد دعا بعض التقدميين الديمقراطيين بايدن إلى وقف نقل المساعدات العسكرية لإسرائيل رداً على ارتفاع عدد ضحايا غزة من المدنيين في الحرب.
وفي الأشهر الأخيرة، كانت هاريس أكثر صراحة من بايدن في الدعوة إلى وقف إطلاق النار، وإدانة اجتياح رفح والتعبير عن الصدمة إزاء محنة سكان غزة.
دعم المظاهرات المناهضة للحرب
وفي إشارة إلى المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين التي اجتاحت الجامعات الأميركية، قالت هاريس إن التعاطف مع معاناة سكان غزة هو سلوك إنساني مبرر، لكنها في الوقت نفسه ذكرت أنها تأثرت بتصرفات بعض المتظاهرين.وفي ديسمبر/كانون الأول، أشار المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، إلى نهج هاريس بشأن الحكم في غزة، وقال: «لقد أوضحت بالتأكيد أننا نعتقد أن الشعب الفلسطيني يحتاج في المستقبل إلى حقوق التصويت وإبداء صوته»، وأن غزة بحاجة إلى حكومة تريد تحقيق تطلعاتها واحتياجاتها.
وعلى الرغم من الانتقادات القاسية التي وجهتها هاريس ضد إسرائيل، يقدر المعلقون أنه من غير المتوقع حدوث تغيير كبير في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل إذا أصبحت هاريس رئيسة للولايات المتحدة.
وقالت هالي سويفر، التي عملت مستشارة للأمن القومي لهاريس في وقت مبكر من ولاية هاريس كعضو في مجلس الشيوخ، إن دعمها لإسرائيل قوي مثل دعم بايدن. ووفقاً لها، فإن الاختلافات بين الاثنين في التعامل مع إسرائيل ضئيلة.
وقال معلقون ومسؤولون أميركيون لشبكة «إن بي سي» إنه على عكس بايدن، الذي يبدو أحياناً حذراً في توجيه انتقادات لرئيس الوزراء الإسرائيلي، فإن هاريس لن تتردد في انتقاد نتنياهو علناً، أو التعبير عن التعاطف مع محنة الفلسطينيين في قطاع غزة.
وعلى عكس بايدن، لم تزر هاريس إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، لكنها بقيت إلى جانبه خلال مكالمة هاتفية أجراها مع نتنياهو. وسيلتقي نتنياهو، الذي يسافر إلى الولايات المتحدة اليوم، مع بايدن وكذلك مع نائبته هاريس.