قصة عائلة فلسطينية قضت عليها غارة إسرائيلية في رفح

كتبت/مرثا عزيز
يسير إبراهيم حسونة مجهدا فوق أنقاض منزله المدمر، ويشير إلى المكان الذي كانت تعيش فيه عائلته، حيث كانت والدته وزوجة أخيه تنامان، وحيث كان يلعب مع ابنتي أخيه التوأم، 5 سنوات، وحيث كان يساعد ابن أخيه الآخر البالغ من العمر عاما واحدا على أن يخطو خطواته الأولى.
والآن، ماتت عائلته بأكملها.. مات والداه، وشقيقاه، وزوجة أحدهما والأطفال الثلاثة.
تحول المنزل إلى أنقاض جراء وابل الغارات الجوية التي شنتها الطائرات الحربية الإسرائيلية على مدينة رفح قبل فجر الإثنين كغطاء للقوات التي كانت تنفذ عملية إنقاذ محتجزين في مكان آخر بالمدينة الحدودية جنوبي غزة.
كان إبراهيم حسونة، 30 عاما، وصل مع والديه وشقيقيه والأطفال إلى رفح قبل شهر، ضمن أحدث تحركاتهم المتعددة هربا من القتال بعد فرارهم من من شمال غزة.
استأجروا منزلا صغيرا مكونا من طابق واحد شرقي رفح.
وقال إبراهيم عن ابنتي شقيقه الأكبر، كرم: «كنت مقربا منهما للغاية، كنت ألعب معهما الورق أو أختبئ منهما لإلهائهما عن الحرب».
وأضاف أن الفتاتين التوأم، سوزان وسدرة، كانتا تسألان في كثير من الأحيان عما إذا كانتا ستذهبان إلى روضة الأطفال، وما إذا كانت معلمتهما هناك على قيد الحياة أم ماتت.قتل الفرحة
جاءت الضربات الإسرائيلية في لحظة فرح للعائلة.. والتي كانت قد حصلت للتو على ثلاث دجاجات، وهي أول مرة يحصلون عليها منذ بدء الحرب قبل أكثر من أربعة أشهر.
وقال إبراهيم: «شعر الأطفال بسعادة غامرة.. لقد سئمنا من الأطعمة المعلبة».
كانت هذه الأطعمة الشيء الرئيسي الذي تمكنوا من الحصول عليه في ظل الحصار الإسرائيلي الخانق الذي لم يسمح إلا بدخول قدر ضئيل من المساعدات الإنسانية إلى غزة.
خططت العائلة لتناول الدجاج مساء الأحد، لكن خلال النهار، ذهب إبراهيم لزيارة صديق له في رفح، أقنعه بالبقاء عنده هذه الليلة.
اتصل إبراهيم بالمنزل وأبلغهم بذلك، فقررت العائلة تأجيل تناول الوجبة الثمينة حتى لا تفوته.
وضعت والدة إبراهيم، سوزان، الدجاج في ثلاجة الجيران للحفاظ عليها.
لكن بعد الساعة الثانية فجر الإثنين، بدأ إبراهيم يتلقى مكالمات من أصدقاء يبلغونه بوقوع غارات في الحي الذي تقيم به عائلته.
لم يتمكن من الوصول إليهم عبر الهاتف، فاستقل دراجة نارية عائدا إلى منزله، الذي وجده مجرد ركام.
كان أول ما رآه ذراع امرأة ميتة أمام باب مسجد مجاور. كان ذراع والدته.
حفر بين الأنقاض واستخرج بعض أشلاء أفراد العائلة.
ثم توجه بعد ذلك إلى مستشفى يوسف النجار، وتعرف على جثتي والدته ووالده، فوزي المهندس، وجثة شقيقه الأصغر، محمد، التي كانت مقطوعة الرأس، لكنه تعرف عليه من ملابسه.
كان في الحقيبة التي أحضرها له مسعفون أشلاء من جثث شقيقه كرم وعائلته.
وقال إبراهيم إنه تعرف على أشلاء ابنة أخيه، سوزان، من حلقها وسوارها الذي كانت تتشاجر عليه طوال الوقت مع أختهاذكريات مؤلمة
تحدث إبراهيم إلى الأسوشيتد برس يوم الثلاثاء بينما كان يتجول حول أنقاض المنزل.
تذكر ضجيج الطفلتين في الصباح وكيف كان يوقظه، وأضاف: «أصواتهما كانت تريحني على الرغم من ذلك».
وأشار إلى جزء من الحطام، وقال: «كنت أجلس هنا مع ابن أخي، مالك، للاستلقاء في الشمس، ثم نسير قليلا في لحظات أشعر فيها أنني على قيد الحياة».
قالت إسرائيل إن القصف كان بهدف تغطية قواتها التي حررت المحتجزين، ثم غادرت غزة.
واستشهد 74 فلسطينيا على الأقل في هذا القصف الذي أدى لتدمير مساحات شاسعة من المباني والخيام التي تضم عائلات فرت إلى رفح من مختلف أنحاء غزة.
وكان بين الشهداء 27 طفلا و22 امرأة، بحسب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، الذي جمع باحثوه قائمة الشهداء من مستشفيات رفح.
وأدى حجم سفك الدماء الناجم عن الغارة إلى تصاعد المخاوف بشأن ما يمكن أن يحدث إذا نفذت إسرائيل وعيدها بمهاجمة رفح بريا ضمن حملتها لتدمير حماس.
وتضم المدينة والمناطق المحيطة بها الآن أكثر من نصف سكان قطاع غزة – البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة – بعد أن لجأ مئات الآلاف إليها.
وأدت الحملة الإسرائيلية على القطاع إلى استشهاد أكثر من 28 ألف فلسطيني، أكثر من 70 بالمائة منهم نساء وأطفال، بحسب وزارة الصحة في غزة.