اسرائيل تتكبد أكبر خسائر في غزة منذ أكتوبر وتواجه عزلة دبلوماسية متزايدة

كتبت/مرثا عزيز
أعلنت إسرائيل، اليوم الأربعاء، تكبدها أكبر خسائر في أكثر من شهر بعد نصب كمين لقواتها بمدينة غزة في وقت تواجه فيه عزلة دبلوماسية متزايدة مع ارتفاع عدد القتلى من المدنيين وتفاقم كارثة إنسانية
ومع قتال عنيف يدور في شمال وجنوب القطاع في وقت واحد بعد يوم من مطالبة الأمم المتحدة بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية في قطاع غزة. وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إن القصف «العشوائي» للمدنيين ينال من الدعم الدولي لإسرائيل.
وقصفت طائرات مجددا قطاع غزة وقال مسؤولون في وكالات إغاثة إن حلول الطقس الشتوي الممطر يزيد من تدهور الوضع الذي تعانيه مئات الآلاف من الأسر بينما تنام في خيام بدائية. والأغلبية العظمى من سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة باتوا مشردين.
ولكن منذ ذلك الحين حاصرت القوات الإسرائيلية القطاع وحولت أغلبه إلى ركام. وتقول السلطات الصحية الفلسطينية إن حملة إسرائيل تسببت في استشهاد أكثر من 18 ألفًا ويخشى أن آلافا لا يزالون تحت الأنقاض أو لا يتسنى لسيارات إسعاف الوصول إليهم.
وسعى مئات الآلاف من الأشخاص إلى العثور على مأوى في رفح عند الطرف الجنوبي للقطاع. وكانت جثث أفراد عائلة، من بينهم عدة أطفال صغار، استشهدوا في غارة جوية ليل الثلاثاء، ملقاة تحت المطر في أكفان بيضاء ملطخة بالدماء بينما كانت جثة لطفل حديث الولادة ملفوفة ببطانية وردية اللون.
وجمع أحمد أبو رياش جثتي ابنتي شقيقته سما وسارة، وعمراهما خمس وسبع سنوات. وبينما كان يسير في الشارع حاملا جثة إحدى الفتاتين، سحب أحد أقاربه الكفن وصرخ «هدول أطفال! أطفال! هما بيقتلوا حدا غير الأطفال؟ لا! أطفال أبرياء قتلوهم بأيديهم القذرة».
ومنذ انهيار الهدنة التي استمرت أسبوعا في أول ديسمبر/ كانون الأول، وسعت القوات الإسرائيلية حملتها البرية من شمال قطاع غزة إلى الجنوب باقتحام مدينة خان يونس الجنوبية الرئيسة.وفي تلك الأثناء، لم يهدأ القتال وسط الركام في شمال القطاع، حيث أعلنت إسرائيل من قبل أنها حققت أغلب أهدافها العسكرية هناك.
وأعلنت إسرائيل أن عشرة من جنودها قُتلوا في الساعات الأربع والعشرين الماضية، من بينهم ضابط برتبة كولونيل في لواء جولاني للمشاة ولفتنانت كولونيل قائد كتيبة في لواء جولاني. وتلك هي أكبر خسائر في صفوف القوات الإسرائيلية في يوم واحد منذ مقتل 15 في 31 أكتوبر تشرين الأول.
وذكر الجيش الإسرائيلي أن أغلب القتلى سقطوا في حي الشجاعية بمدينة غزة شمال القطاع حيث نصب كمين للقوات، وهي تحاول إنقاذ مجموعة أخرى من الجنود الذين هاجموا مقاتلين في أحد المباني.
«الدمار والموت»
قالت حماس «إعلان جيش الاحتلال الصهيوني عن مقتل عشرة أغلبهم من الضباط ليل الثلاثاء، في الشجاعية شرق غزة، وتزايد أعداد قتلاهم في مختلف محاور القتال، يؤكد حجم الخسارة والفشل لقادة الكيان وجيشه في مواجهة بأس المقاومة وكتائب القسام الذين يوفون بوعدهم بجعل غزة مقبرة للغزاة».
وتابعت الحركة في بيان «نقول للصهاينة بأن قيادتكم الفاشلة لا تلقي أي اعتبار لحياة جنودكم الذين يقتلون ويصابون يوميا بالعشرات، ولا خيار لكم سوى الانسحاب من غزة، فكلما زادت مدة وجودكم فيها زادت فاتورة قتلاكم وخسائركم، وستخرجون منها تجرون ذيل الخيبة والخسران بإذن الله».
وفي شمال قطاع غزة أيضا، دار قتال عنيف في حي جباليا، حيث قال مسؤولون في قطاع الصحة إن القوات الإسرائيلية حاصرت مستشفى واقتحمته واعتقلت أفرادا من الطواقم الطبية وأساءت معاملتهم.
وفي جنوب القطاع، تقدمت قوات إسرائيلية اقتحمت خانيونس في الأيام القليلة الماضية صوب قلب المدينة. ويقول سكان إن قتالا عنيفا يدور دون محاولات أخرى للتقدم في الساعات الأربع والعشرين الماضية.وقال أبو عبد الله وهو أب لخمسة يعيش على بعد كيلومترين لرويترز «الدبابات الإسرائيلية لم تتحرك أكثر من مركز المدينة. تواجه مقاومة شرسة ونسمع تبادل إطلاق النار وانفجارات أيضا».
وأضاف أن إسرائيل جاءت بجرافات ودمرت الطريق قرب منزل زعيم حماس يحيى السنوار في خانيونس وتابع قائلا «لا يأتون إلا بالدمار والموت في أي مكان يحلون فيه على حساب المدنيين الأبرياء العزل».
والمستشفيات في شمال القطاع توقفت عن العمل إلى حد كبير، وفي الجنوب تكتظ بما يفوق طاقتها بالجثث والمصابين الذين يصلون بالعشرات ليل نهار.
وقال الدكتور كريس هوك وهو طبيب بريطاني أرسلته منظمة “أطباء بلا حدود” إلى مستشفى ناصر في خانيونس لرويترز «الأطباء وأنا منهم يخطون فوق جثث أطفال لمعالجة أطفال معرضين للموت».
وتقول وكالات دولية إن المساعدات المحدودة التي تصل إلى قطاع غزة لا توزع إلا في مناطق برفح قرب الحدود المصرية. وحتى هناك بات الوضع أكثر صعوبة هذا الأسبوع مع احتماء مئات الآلاف في المنطقة.
ومن رفح، قالت جيما كونيل التي تقود فريق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لرويترز في رسالة «الأمطار الغزيرة والرياح خلال الليل. أمر مريع لكل هؤلاء في الملاجئ المؤقتة».
تصويت الأمم المتحدة
ليس لتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يطالب بوقف إطلاق النار أي قوة قانونية إلزامية لكنه أقوى مؤشر حتى الآن على تراجع الدعم الدولي لأفعال إسرائيل.
وأيدت ثلاثة أرباع الدول الأعضاء، وعددها 193، القرار ولم تنضم سوى ثماني دول للولايات المتحدة وإسرائيل في رفضه.
وقبل صدور القرار، قال بايدن إن إسرائيل تحظى الآن بدعم «معظم دول العالم» بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في حربها ضد حركة حماس.
وأضاف، خلال فعالية لجمع تبرعات في واشنطن «لكنهم بدؤوا يفقدون هذا الدعم بسبب القصف العشوائي الذي يحدث».وفي أكبر مؤشر علني على الخلاف بين الزعيمين حتى الآن، قال بايدن أيضًا إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بحاجة إلى تغيير حكومته المتشددة وإن إسرائيل «لا يمكنها في نهاية المطاف أن تقول لا» لقيام دولة فلسطينية مستقلة، وهو أمر يعارضه اليمينيون المتطرفون في الحكومة الإسرائيلية.